بالرغم من أن النجوم زينة السماء و رؤيتها تُسحر الناظرين , لكنها في الحقيقة مكونة من غازات متفجرة إلى درجة رهيبة , إذ تساوي هذه الانفجارات ما يصدر عن ملايين القنابل الذرية من انفجارات .
حقا يبدو الأمر رهيباً و لكن لماذا حقاً لا نشعر بذلك؟
ذلك راجع للمسافة الهائلة التي تفصل بيننا و بين النجوم ، فراكب الصاروخ يحتاج إلى عشرين ألف سنة حتى يصل إلى النجوم ، هذا إذا كان ممكناً , لذلك نحن نحمد الله كثيراً لأن النجوم بعيدة عنا ، فلا تصل إلينا أخطارها ، و إنما يصل إلينا هدوؤها و أضواؤها و لطفها و أيضاً جمالها .
فمجوعة النجوم التي تكون أقرب مجرات السماء إلينا تبعد عنا بنحو ۷۰۰ ألف سنة ضوئية ، و معروف أن السنة الضوئية تعادل ٦ مليون مليون ميل ، و لو اقترب أحد هذه النجوم من الأرض لانتهت في غمضة عين .
فهو بعيد بعيد ، و حجمه كبير كبير , فالنجم الذي يبدو في السماء صغيراً كأنه نقطة مضيئة هو أكبر من حجم الشمس بنحو ٢٥ مليون مرة .
الفرق بين النجم و الكوكب
النجوم تختلف عن الكواكب , فهي أجسام ملتهبة مشتعلة ، أو هي كتلة من الغازات المتلهبة .
بينما الكواكب أجسام باردة : لأنها ليست متقدة ذاتياً ، و يرجع لمعانها إلى انعكاس أشعة الشمس عليها و ليس لانبعاث الضوء منها .
هل النجم شمس؟
إذا تطلع المرء إلى السماء فإنه يشاهد النجوم كنقط ضوئية صغيرة ، و لقد ظل الإنسان أمداً بعيداً خلال تاريخه الطويل لا يدرك حقيقة النجوم ، وينظر إليها على أنها صغيرة الحجم ، و تتلألأ في جمال , فتثير بهجته و شاعريته .
و مع جهود علماء الفلك عبر العصور تكشفت الحقيقة ، و عرف الإنسان أن هذه النجوم إن هي إلا شموس مثلها في ذلك مثل شمسنا الجبارة ، التي تبعث لنا الحرارة و الطاقة على بعد يقدر بنحو ٩٣ مليون ميل .
و الفارق بين النجم و الشمس هو الاختلاف في البعد , ذلك أن الشمس إذا بَعُدت حتى صارت في مكان أقرب نجم إلى الأرض ، فإنها لن تكون شمسنا العملاقة العظيمة و لكنها ستصبح مجرد نقطة ضوئية في السماء .
و كذلك الحال إذا اقترب نجم إلينا و حل محل الشمس ، فإنه سيصبح قادراً على أن يُضيء الأرض ويمدها بالحرارة تماماً كما تفعل الشمس , بل و ربما أكثر بشكل كبير .
إن اختلاف الأبعاد هو الذي يجعل ضوء الشمس ساطعاً و ضوء النجم خافتاً .
أعداد النجوم
يمكن للإنسان أن يرى بالعين المجردة نحو ستة آلاف نجم ، و لا يمكن أن يرى هذا العدد في آن واحد ، إذ أن نصفه يكون تحت الأفق ، و كثافة الهواء تزيد النجوم الخافتة خفوتاً عندما تكون قريبة من الأفق .
لذلك فالإنسان لا يرى نجوماً كثيرة , و أكبر عدد من النجوم يمكن أن يُرى في وقت واحد لا يتجاوز ألفين ، و ذلك في أحسن الظروف.
و كان أول من حاول حصر النجوم و معرفة أعدادها هو الفلكي اليوناني إيباركوس ، و ذلك قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام بنحو مائة عام . و قد وضع أول قائمة للنجوم ، حيث قسمها إلى ست مراتب و أطلق على أكثرها لمعاناً نجوم القدر الأول ثم نجوم القدر الثاني ، و هكذا إلى أن وصل إلى نجوم القدر السادس .
و قد اعتمد في هذا التقسيم و الترتيب على شدة لمعان النجوم .
و كان إيباركوس يعتقد أن ما رآه هو كل ما في السماء من نجوم ، و كان جملة ما يرصده الإنسان بالعين المجردة من النجوم نحو خمسة آلاف نجم .
ثم استعان الإنسان بالمنظار كيف يتعرف على أعداد النجوم حيث أثبت عالم الفلك الإيطالي جاليليو أن بالسماء نجوماً غير تلك التي رصدها و حصرها إيباركوس . و بالمنظار المزدوج البسيط يزداد عدد النجوم التي يمكن للرائي أن يراها إلى عشرين ضعفاً .
و مع تطور المناظير الفلكية أمكن أن نرى أضعافاً مضاعفة ، حيث أمكن للتلسكوب العادي أن نشاهد نحو مليونين من النجوم .
و مع تطور علوم الفيزياء و خاصة علم الضوء تمكن العلماء من كشف أسرار الكون ، و كان استخدام آلة التصوير الفلكية وسيلة لرؤية نجوم أكثر و أكثر .
و بإمكان منظار بالومار بالولايات المتحدة الأمريكية و الذي يبلغ قطر مرآته نحو ٥ أمتار و الذي يُعتبر أكبر مناظير الدنيا بإمكانه أن يصور نجوماً بأعداد هائلة، و لو كانت ذات لمعان بسيط ، إذ يمكن أن يصور نجوماً أقل لمعاناً من أضعف النجوم التي تستطيع أن تراها العين المجردة ، إذ يصل عدد النجوم المرئية فيه إلى بلايين النجوم .
لقد أصبح بإمكان المناظير الفلكية الحديثة مثل التليسكوبات العاكسة أو التليسكوب اللاسلكي أو التلسكوب الراديوي أو الفضائي رؤية آلاف الملايين من النجوم ، و بتطور الأجهزة الرصدية يزداد ما يتم كشفه و التعرف عليه من النجوم ، و أصبح من المؤكد أنه يوجد خلال تلك الآلاف من ملايين النجوم التي يتم تصويرها يوجد خلفها آلاف أخرى من الملايين من النجوم وراء تلك النجوم التي نستطيع رؤيتها .
لذلك يقول علماء الفلك : ( إن عدد النجوم يزيد عن عدد حبات الرمال التي على شواطئ بحار الدنيا ) ، و يقولون أيضاً ( إن عدد النجوم التي في السماء يزيد عن عدد حروف كُتب في مكتبة ضخمة ) .
و المجرة تضم أكثر من مائة ألف مليون نجم ، و يوجد في الكون نحو ألف مليون مجرة عرفها العلماء حتى الآن ، و هي تحتوي من الشموس أعداداً هائلة .
و لكي نستطيع أن نتخيل الكم الهائل من النجوم في الكون ينبغي أن نتذكر أن كوكبنا ( الأرض ) ، مجرد فرد بين أفراد المجموعة الشمسية ، و المعروف أن مجموعتنا الشمسية ما هي إلا واحدة من عدة مجموعات شمسية أخرى تؤلف فيما بينها مدينة من النجوم اسمها المجرة .
إن أعداد النجوم هائلة إلى حد لا يستطيع العقل تصوره إلا بصعوبة شديدة ، و لذلك فنحن إذا أردنا أن نضرب المثل بكثرة الشيء نقول إنه ذو أرقام فلكية ، إذ أن الإنسان أصبح مقتنعاً أن كثرة النجوم هي الحد الذي لا يبلغه شيء آخر في كثرته ، و لذلك صارت مضرب المثل .
قياس المسافات بين النجوم
إن قياس المسافة بين الأرض و النجوم بالأميال لا يجدي ، و إذا فعلنا ذلك يكون شأننا كشأن من يقيس محيط الكرة الأرضية بالسنتيمترات .
لذلك صار المقياس المناسب لقياس المسافات بين الأرض و النجوم ، أو بين النجوم بعضها البعض هو سرعة الضوء ، و ذلك لأن سرعة الضوء هي أكبر سرعة في الكون حيث تبلغ ١٨٦٠٠٠ ميل في الثانية الواحدة .
و هذا يعني أن أقرب نجم إلينا يصل ضوؤه إلى الأرض في نحو أربع سنوات ، أي أن الضوء الذي نراه الآن لهذا النجم يكون قد بدأ رحلته منذ أكثر من أربع سنوات ضوئية ، و هي القدر المماثل لقولنا ٢٥ مليون مليون ميل .
إن العلماء قد حسبوا أن الضوء يقطع في العام الواحد تقريباً ٥.٨٨ مليون ميلون ميل أي نحو ٦ مليون مليون ميل وأطلقوا على هذه الوحدة ( ما يقطعه الضوء في سنة ) . ثم اختصروا هذه العبارة بعبارة أكثر يسراً ، و أطلقوا على هذه الوحدة ( سنة ضوئية ) .
و لقد اتخذ العلماء هذا المقياس لسبب آخر هو أن سرعة الضوء تتميز بالثبات , و بعد أن استقر الرأي بين العلماء على اعتبار السنة الضوئية هي وحدة القياس التي يتم من خلالها قياس أبعاد الفضاء أصبح معروفاً أن أقرب نجم إلى الأرض هو قنطورس لأنه لا يبعد سوى ٢٦ مليون ميل ، أي ما يساوي ٤,٤ من السنة الضوئية
و رؤيتنا لهذا النجم على سبيل المثال لا يعني أنه الآن بهذه الصورة التي نشاهده عليها ، و ذلك لأن الضوء الواصل إلينا اليوم و حين رؤيته يكون قد بدأ رحلته من هذا النجم منذ ٤,٤ من السنين الضوئية ، و بذلك نستطيع أن نقول إن النجم الذي يبعد عنا ٢٠ سنة ضوئية نراه اليوم لكن في الحال التي كان عليها حين رحل ضوؤه إلينا منذ ٢٠ سنة .
أما النجم الذي يبعد عنا ألف سنة ضوئية فلربما يكون قد تبدل حاله ، ذلك أن ما نشاهده هو النجم منذ ألف سنة ضوئية .
عظمة المسافات بين النجوم
هذه المسافات قائمة بين النجوم و بين الأرض ، و هي أيضاً قائمة بين النجوم ذاتها ، إذ أنه يوجد بين النجوم فراغ رهيب و اتساع هائل ، لا يجدي قياسه إلا بالوحدة التي أجمع عليها الفلكيون و هي السنة الضوئية .
إن الأرقام الفلكية للنجوم و التي توصَّل إليها العلماء بحساباتهم و أجهزتهم المعاصرة ، قد قُدرت أن عددها يصل إلى نحو ۱۱۰۰۰ مليون مليون مليون نجم أو شمس ، و هذه الأرقام قد تدفعنا إلى أن نتوهم أن الكون مزدحم بها ، ذلك أن عقل الإنسان يربط بين الكثرة و الزحام .
و لكن الحقيقة أن هذه الأعداد الرهيبة من النجوم تتباعد فيما بينها ، و يكفي أن تعرف أن أقرب نجم إلى شمسنا يبعد عنها نحو ٢٥ مليون مليون ميل . و هكذا تتباعد النجوم فيما بينها .
و أيضا تتباعد المجرات ذات العدد الكبير هي الأخرى ، بل إن الكواكب داخل المجرة الواحدة بينها مسافات رهيبة , فمجرتنا التي ننتمي إليها تُقدر المسافة بين الشمس و بين أبعد كواكبها نحو ٣٦٧٠ ميل .
أما البعد بين مجرتنا و غيرها من المجرات التي تحتوي الأرقام المذهلة من النجوم فاتساع هائل و بعد بعيد .
حركة النجوم
يكاد المرء يصيبه الذهول حين يتوصل إلى معرفة أحجام النجوم و أعدادها الرهيبة التي تملأ الفضاء ، و لكن يزداد هذا الذهول حين يعرف أن هذه النجوم بهذه الأوصاف ليست ساكنة ، فهي لا تستقر في مكانها ، إذ هي تتحرك دائماً ، تتحرك حول محورها ، و تتحرك مبتعدة في الفضاء اللانهائي الممتد إلى حيث لا يعلم امتداده إلا الخالق القدير العليم .
لقد اتخذ العلماء مقاييس ثلاثة تحدد القدرة على تحريك الأجسام و هي على النحو التالي :
- ثقل الأجسام فتحريك الجسم ذي الوزن الثقيل تتطلب قدرة لا يتطلبها تحريك الجسم ذي الوزن الخفيف .
- سرعة تحريك الأجسام إذ أنه كلما زاد الجسم بسرعة دل ذلك على مزيد من القدرة .
- استمرارية الحركة : فتحريك الجسم لمسافات بعيدة و لمدد طويلة يدل على قدرة أكبر من تحريك أجسام لمسافات محدودة و لأوقات قصيرة .
و إذا تدبرنا هذه المقاييس وجدنا أن تطبيقها على حركة النجوم يشهد للخالق العظيم بقدرة مذهلة و ألوهية لا يخالها شك .
إن النجوم لها أوزان ضخمة و يكفي أن نعرف أن الشمس و هي نجم صغير بل ضئيل إذا قورن بغيرها من النجوم وزنها قدر وزن الأرض ۳۳۲۰۰۰ مرة ، فإن قلنا أن وزن الأرض فرضاً 3 جرامات فإن وزن الشمس يكون 1طن .
و لقد حاول العلماء تحديد وزن الأرض و أول من حاول ذلك هو العالم الفرنسي بوجير ، و كان آخرهم هو العالم الأمريكي الدكتور هيل في عام ١٩٤٢ .
و قد توصل العالم الأمريكي إلى أن وزن الأرض ٥٩٦٠ مليون مليون مليون طن ، فكيف يكون وزن الشمس التي يبلغ حجمها قدر حجم الأرض ۳۳۲۰۰۰ مرة , بل كيف يكون وزن النجوم الجبارة غير الشمس ، فمثلاً يوجد في برج هرقل الذي يوجد في مجرتنا نجم يبلغ قطره ۷۰۰ مليون ميل و يستطيع هذا النجم أن يبتلع ٤٠٠ مليون شمس كشمسنا .
و بالنسبة للمقياس الثاني و هو مقياس السرعة ، نحن نعلم أن الشمس تدور مع المجرة حول محورها بسرعة تبلغ 250 كيلو متر في الثانية ، و تتم الدورة في ٢٢٥ سنة ، و تتحرك أيضاً حركة ثانية : إذ هي تدور حول نفسها مرة كل ٢٥ يوماً في نظام عجيب دقيق لا يختل أبداً و كذلك تتحرك بقية النجوم .
و بالنسبة للمقياس الثالث و هو استمرارية الحركة نجد أنه يحكم هذه الحركات نظام دقيق لا يختل و لا يحتمل فيه أي تغيير , فمثلاً تسبح الشمس في القضاء و معها توابعها و توابع توابعها في حركة دورانية مندفعة في اتجاه معين نحو غاية محددة ، و له خط سير محدد معلوم .
إذ أن أدنى اقتراب منها إلى الأرض يبلغ ١٤٧ مليون كيلو متر و أقصى بعد لها عن الأرض يبلغ ١٥٢ مليون كيلومتر ، هذا بالنسبة للشمس و هي إحدى النجوم المتوسطة و لكن هناك من النجوم ما هو أكبر من الشمس بكثير يتحرك بسرعة عظيمة تبلغ عند دوائرها الاستوائية مائتي ميل في الثانية .
الأمر العظيم حقاً أن تتحرك النجوم و هي بهذه الأعداد الهائلة و الأحجام العظيمة بتلك السرعات الرهيبة ، و في انضباط و اتساق عجيب و لا يحدث بينها تصادم ، بل كل ثابت في مكانه يدور و يتحرك بصفة دائمة كما قدَّرَ لها رب الكون العظيم .
بقي أن تعرف أن حركات النجوم و الكواكب في ثلاثة اتجاهات :
- فهي تدور حول نفسها .
- تدور حول محورها .
- و في الوقت نفسه تتحرك مع غيرها ، كل في مكانه .
بل إن الأقمار لها أربع حركات ( و هي ليست من النجوم ) فهي :
- تدور حول محورها .
- و يدور كل منها حول الكوكب .
- و يتبع الكوكب في حركته حول الشمس .
- و يدور أيضاً مع نفس الكوكب في حركته مع الشمس حول المجرة .
و كل هذا في وقت واحد .
و مع هذه الكثرة الكاثرة للنجوم . و مع هذه الحركات العديدة . و مع هذه السرعات الرهيبة. فإن النجوم لا تتصادم أثناء حركتها ، إذ أن الطرق فسيحة للغاية مما يسمح بالمرور لها في أمان ، فالمسافات بين النجوم واسعة و احتمال تصادم نجم بآخر هو واحد في كل ألف مليون . لذلك فإن حركة مرور النجوم في السماء مكفول لها الأمن و السلامة .
طاقة النجوم
و يُقصد بالطاقة النور و النار اللذان يصدران عن النجوم ، و المصدر من الطاقة النووية في النجوم التي تتحول فيها ذرات الأيدروجين أو نوياته إلى عنصر الهليوم .
فالنجوم تحتوي على كميات هائلة من الأيدروجين ، و هي تتغذى على مادتها حيث تتحول في أعماق باطنها إلى هليوم .
و النجوم لا تستهلك كلها مادتها بنفس المعدل إذ أن النجوم التي ليست أكبر من شمسنا تستهلك باعتدال و اقتصاد ، لذلك لا يوجد خطر من نفاذ كمية الأيدروجين التي بها سريعاً ، بينما تسرف النجوم الكبيرة في استهلاك الأيدروجين . و كلما كبُرَ النجم زاد إسرافه .
و النجم الذي يزيد عن الشمس ضعفين يكون استهلاكه للأيدروجين داخله قدر استهلاك الشمس تسع مرات و النجم الذي يزيد عن الشمس مائة ضعف يكون أسرع منها مائة مرة , و لذلك فهو يستهلك كل الأيدروجين الموجود به في وقت أقل بالنسبة لغيره من النجوم ، و قد حدث ذلك لبعض النجوم ، و ترتب على ذلك أنها انكمشت و لم يعد لديها وسيلة للاستمرار في الإضاءة أو اللمعان .
و يبدو ذلك واضحاً في النجوم التي يُطلق عليها الأقزام البيضاء ، إذ أنها قد استنفذت الأيدروجين الذي كان بها ، فاضطرت للانكماش لتظل حارة لامعة .
و يمثل العلماء بما يحدث للشمس إذ يقررون أنها كي تُعطي النور و النار يتحول ۷۰۰ مليون طن من الأيدروجين الذي بها إلى هليوم مقداره ٦٩٥ مليون طن ، و الخمسة طن الباقية من الأيدروجين تتحول إلى طاقة لا تكفي الشمس إلا لمدة ثانية واحدة .
و ربما يتساءل متسائل : ألا ينفذ الأيدروجين؟
يقول العلماء أن 1% مما يوجد في الشمس من أيدروجين يكفي لأن يُضيء الشمس نحو ثلاثمائة مليون عام .
و بعد أن تبين لنا مصدر الطاقة الكامنة في النجوم المنبعثة عن النجم ، يقول العلماء إن النجم الذي تبلغ درجة حرارته ۳۹ ألف درجة تنبعث عنه طاقة هائلة إذ أن كل بوصة مربعة من سطحه تنبعث عنه طاقة تكفي لتسيير باخرة ضخمة بأقصى سرعة لها و بصفة دائمة .
الوان النجوم
حلل العلماء الصور الصادرة عن النجوم إلى ألوان الطيف ، فكان منها الأحمر و البرتقالي و الأصفر و الأخضر و الأزرق و البنفسجي بنفس هذا الترتيب . فالنجم الأيسر مثلاً يشتد جانبه الأيسر في الطيف ( الجانب الأزرق ) عن جانبه الأيمن ( الجانب الأحمر ) أما النجم الأحمر فيشتد جانبه الأيمن في الطيف ( الأحمر ) عن الجانب المقابل ( الأزرق ) .
و قسموا النجوم من حيث ألوانها إلى مراتب تبدأ بالأزرق و تنتهي بالأحمر .
و قد تبين للعلماء أن النجم الذي يُضيء بلون أزرق يكون حاراً للغاية ، فإذا أضاء نجم بلون أزرق و لكنه لا يبدو لامعاً في المنظار الفلكي فهذا يعني انه لا بد و أن يكون بعيداً جداً ، و ذلك لأن كل نجم أزرق تناولوه بالدراسة يزيد ضوؤه عن ضوء الشمس عشرة آلاف ضعف .
و من جهة أخرى فإن النجوم الحمراء أقل حرارة من الشمس ، و مع ذلك فإن النجم الأحمر إذا كان كبيراً كبراً كافياً فإن ما يشعه من الحرارة قد يزيد عن إشعاع النجم الأزرق إلى حد كبير .
بالإضافة إلى أن ألوان النجوم يوضح درجة لمعانها , فإن ذلك يبين أيضاً أموراً أخرى مثل :-
- حرارة النجم
- و يبين تركيب النجم الكيماوي
- و يخبرنا عما إذا كان النجم جو يحيط به أم لا
- و يخبرنا عن مغناطيسية النجم ( الجاذبية )
- كما يُسهم في الاستدلال عن مدى بعد النجم منا أو قربه
- كما يوضح كيف أن الكون يمتد امتداداً يعجز الإنسان عن أن يحيط به .
و يرجع الفضل إلى العالم فرونهوفر في التوصل إلى معلومات كثيرة عن الفضاء عن طريق دراسة الطيف الخاص بالنجوم .
حيث أمكن معرفة معلومات هائلة و أساسية عن طبيعة النجوم البعيدة و كيفية نشأتها ، و بنية الذرات و الجزئيات التي تتكون منها عن طريق دراسة الضوء الصادر عنها ، ومقارنتها بخطوط الأطياف الناتجة من المواد الساخنة إلى درجة التوهج الحراري و التي هي بأطياف يمكن تسجيلها و معرفة أطوالها الموجبة بخطوطها التي صارت تُعرف بخطوط فرونهوفر .
تنوع النجوم و اختلافها عن بعض
ظل الناس يعتقدون لأزمان طويلة أن النجوم تكاد لا يختلف بعضها عن بعض ، ثم أثبت العلم و أكدت المناظير أنها مختلفة و متباينة اختلافات واسعة المدى .
إذ وجد الفلكيون أن هناك نجوماً بالغة الضخامة كأنها عمالقة ، و من أمثلتها العملاق الأحمر في سرب الجوزاء و قطره مثل قطر الشمس مئات المرات . و أخرى ضئيلة الحجم كأنها أقزام و من أمثلتها النجم الصغير الذي يرافق نجم الشعرى اليمانية .
كما وجدوا أن هناك نجوماً شديدة الحرارة و أخرى تميل إلى البرودة .
و أصبح معروفاً أن النجوم شديدة التألق هي نجوم استثنائية ، إذ توجد بعض النجوم التي يعادل لمعانها لمعان الشمس عشرة آلاف ضعف ، لكن يوجد في مقابل كل نجم منها مائة ألف نجم تتساوى باللمعان مع الشمس .
و من جهة أخرى يقابل كل نجم ألمع من الشمس نحو خمسة عشر نجماً أقل منها لمعاناً .
و لكن قد تأكد علماء الفلك أن معظم النجوم متقاربة في صفاتها ، فضمها الفلكيون في مجموعة واحدة أطلقوا عليها النجوم السوية ، و من بينها الشمس , إذ أن الشمس نجم لا هو بالضئيل و لا هي تمتاز عن النجوم حتى تصبح من النجوم الاستثنائية أو الماردة .
و النجوم الماردة إذا قورنت بالنجوم السوية تبدو بالغة الضخامة ، إذ يزيد حجم بعضها عن حجم الشمس مائة مرة ، و تبلغ بعض النجوم الحمراء حداً كبيراً من الضخامة ، بحيث إذا حل أحدها محل الشمس فإنه يمتد إلى مدار الأرض ، إذ تصبح الأرض التي تبعد عن الشمس ۹۳ مليون ميل داخل هذا المدار .
أما النجوم الأقزام فيوجد منها عدة أنواع ، و هي بصفة عامة أصغر من الشمس بكثير ، و الأقزام البيضاء صغيرة إلى حد كبير ولا تُرى إلا بأقوى المناظير الفلكية ، و الغريب أنه مع صغر حجمه فإن وزنه يعادل وزن الشمس ، و ذلك بسبب ارتفاع كبس المادة به ( إذ يبلغ حداً كيبراً ) فإن وزن قطعة من مادتها يعادل وزن قطعة مماثلة من الحديد ستة آلاف ضعف .
أقدار النجوم
وضع الفلكي اليوناني إيباركوس أول قائمة للنجوم قبل الميلاد بنحو مائة عام ، هذه القائمة توضح أقدار النجوم ، و ذلك من حيث لمعانها .
و قد قسم إيباركوس النجوم إلى ست مراتب و أطلق على أكثرها لمعاناً نجوم القدر الأول ، و ما يليها في اللمعان نجوم القدر الثاني و هكذا إلى أن وصل إلى نجوم القدر السادس . و هذا ما كان يمكن رؤيته من نجوم بالعين المجردة , و كانت هي الوسيلة الوحيدة المتاحة لرصد النجوم .
و حين صنع جاليليو الإيطالي منظاره عام ١٦١٠م عرف الناس أن هناك نجوماً أخرى غير تلك النجوم التي رصدها الفلكي اليوناني الذي حدد ما رآه بالعين ، و حدد أقدارها . ثم جاء زملاؤه من الفلكيين من بعده ليكملوا المسيرة من خلال ما توصلوا إليه من مناظير .
و استطاع الإنسان أن يتوصل إلى التلسكوب فتمكن من أن يرى نجوما أكثر ، و قد حدد أقدارها حتى المرتبة الثالثة و العشرين .
إن الترتيب الأول قائم على رؤية أهل الأرض و هي رؤية يحددها قرب النجم أو بعده عنا ، و لذلك قد يكون النجم ذا لمعان كبير و لكن ليس لأنه كذلك ، و إنما لكونه قريباً منا ، و قد يكون النجم لمعانه عظيماً و يبدو خافتاً لبعده عنا .
لذلك اعتبر الفلكيون أن ترتيب أقدار النجوم القديم ترتيب ظاهري و ليس حقيقياً ( أي كما ظهر لأهل الأرض ) و إن كان مخالفاً للحقيقة .
لقد رأى العلماء أنه كي تحدد أقدار النجوم تحديداً حقيقياً و منصفاً لا بد و أن تكون على بعد واحد و متساو من الأرض , و هنا يكون التقدير الصحيح الذي تَنتج عنه المراتب الحقة أو المطلقة ، كما أطلق عليها الفلكيون .
حيث توضع النجوم على بعد من الأرض و يساوي 32.5 سنة ضوئية ، فإذا عرفوا مسافة بعد النجم عن الأرض و درجة التماعه الظاهر فإنهم يمكنهم حساب ما تكون عليه درجة التماعه عند هذا البعد الموحد بين النجوم (٣٢.٥ سنة ضوئية ) و بذلك تتوصل إلى المراتب الحقيقية بين النجوم .
و بتطبيق هذا المقياس فإن شمسنا التي تتمتع بأكبر التماع ظاهر تظهر أمامنا نجماً ضئيلاً ضعيفاً يصعب على العين المجردة رؤيته حين توضع على هذا البعد .
أوزان النجوم
أوزان النجوم تفوق وزن الشمس بكثير ، إذ يقرر عالم الفلك جيمس جينز في كتابه ( النجوم في مسالكها ) أن مجموعة ( بلاسكت ) و هي مجموعة ثنائية ، أي تتركب من نجمين اثنين فقط يدور كل منهما في فلك حول الآخر ، و يقرر أن وزن هذه المجموعة على سبيل المثال يبلغ وزنها الكلي أكبر من وزن الشمس ١٤٠ مرة ، أي أن النجوم بصفة عامة ذات أوزان ضخمة .
قوة إضاءة النجوم
القدرة الشمعية ( الضوئية ) لبعض النجوم تفوق القدرة الشمعية التي لدى الشمس بكثير ، إذ يوجد نجوم يتجاوز ضوؤها ضوء الشمس عشرة آلاف مرة . و من النجوم نجوم تصب من الشعاع قدر ما تصبه الشمس بنحو ٣٠٠ ألف مرة في الحالات العادية , و في حالة لمعانها تصب نحو ٥٠٠ ألف مرة . و يُقدر قَدر ما تصبه في الدقيقة الواحدة قدر ما تصبه شمسنا في سنة كاملة .
أحجام النجوم
يستطيع العلماء أن يتعرفوا على حجم النجوم من التعرف على قدرتها على اللمعان و قد توصلوا إلى أن أكثر النجوم لمعاناً هي ذات اللون الأزرق , و بالتالي هي الأكثر حرارة .أي استطاع العلماء تحديد درجة الحرارة على سطحها و بالتالي تمكنوا من التعرف على كم الالتماع الذي يخرج من الميل المربع على سطح النجم ، ثم تمكنوا من احتساب جملة ما يخرج من الالتماع ، وصولاً إلى احتساب سطح هذا النجم و بالتالي التعرف على حجمه و قطره .
و حين تبين للعلماء أن النجوم الزرقاء هي الأكثر لمعاناً من الشمس و الأكثر حراً منها توصلوا إلى أنها الأكبر حجماً .
و قد تبين أيضاً أن النجوم الحمراء التي هي أقل التماعاً من الشمس و بالتالي فهي الأقل حرارة تبين أنها الأصغر نوعاً من الشمس .
و قد تبين أن نجم ( مثكب الجوزاء ) الذي يقع عند كتف الجبار قطره ضعف قطر الشمس ٤٦٠ مرة ، أي أن حجمه يكاد يكون مثل حجم الشمس مائة مليون مرة .
انفجار النجوم
هناك نجوم تلوح في السماء لم تكن ظاهرة من قبل أن يسطع النجم و يزيد التماعاً حتى ليبدو أنه نجم جديد تم إضافته إلى نجوم السماء ، و يحسب الناس أنها نجوم خُلقت من جديد ، لذلك أطلق عليها القدماء قبل ظهور المناظير الحديثة ( النوفا ) أي النجوم الجديدة .
و مع تقدم المناظير الحديثة ظهرت الحقيقة ، و أدرك العلماء أنها نجوم قديمة كانت خافتة ، و لكنها حين انفجرت التمعت و زاد بريقها و التماعها بضع مئات الألوف عما كانت عليه من قبل ، بل أحيانا تزيد بضعة بلايين ، فتشد إليها الأبصار و يظن من يراها أنها نجوم جديدة ، وما هي جديدة ، ثم تعود إلى حالتها الأولى فتتقلص بعد تمدد و لا يبقى لها التماعها طويلاً .
بعد عمر طويل و حياة حافلة يبلغ الأيدروجين الموجود في النجم منتهاه ، و هو زاده من الوقود حيث يكون قد بلغ النجم أقصى ما يصل إليه من الحرارة ، حينئذ تبدأ النهاية إذ يضمر ، و يدخل مرحلة جديدة هي مرحلة النجم القزم ( الأبيض ) حيث يتصاغر حجمه و يقل التماعه في الوقت الذي تكون كثافة مادته قد بلغت قدراً هائلاً . إذ ينكمش حتى إن وزن قطعة من مادتها يعادل وزن قطعة مماثلة من الحديد ستة آلاف ضعف .
و بذلك يكون النجم قد وصل إلى طريق النهاية , فالنجوم البيضاء هي الغاية التي تنتهي النجوم عندها ، حيث إن ذلك هو السبيل إلى الموت إذ يكون قد انتهى بها العمر .
النجم الأكثر لمعاناً
أكثر النجوم لمعاناً هو النجم المعروف بالشعرى اليماني ، و هو نجم قريب من الجوزاء أو كوكبة الجيارم .
و قد أطلق على تلك الكوكبة الجبار رمزاً للجبروت ، لأنه يبدو لافاً حول منطقة وسطه نجوم ثلاثة ، و هو من بينها يبدو حامل خنجر .
و الشعرى اليماني أكبر من الشمس و نوره ضعف نور الشمس خمسين مرة ، و يقع في موقع أبعد من الشمس عنا بنحو مليون ضعف بعدها عنا .
و قد اكتشف العالم الفلكي هالي عام ۱۷۱۸ موقع هذا النجم ، و أثبت أنه تزحزح عن موضعه الذي كان قد عينه عالم الفلك الإسكندري الشهير بطليموس في القرن الثاني بعد الميلاد ، وقد أثبت أن هذا النجم قد تزحزح في السماء مسافة طويلة خلال ۱٥ قرناً من الزمان .
و لقد قدر العلماء أن هذا النجم يُعطي من الضوء قدر ما تُعطيه الشمس ٥٦ مرة , أي لو كان ما بينه و بين الأرض قدر ما بين الشمس و الأرض من مسافة لاحترقت الأرض و علت البحار و تبخر ماؤها ، و لانتهت الحياة من فوقها .
النجم الأكثر قرباً
أقرب النجوم إلى الأرض هو الشمس ، يليه النجم الذي أطلق عليه العرب ( قنطورس ) ، و نحن لا نراه : لأنه يقع في الناحية الأخرى من قبة السماء ، فيراه سكان الجنوب من الكرة الأرضية ، و هو يقع على مسافة ٢٦ مليون مليون ميل .
و هو نجم يتألف من زوج من النجوم ، و رغم شدة التماعه بسبب قربه فإن أهل الأرض لا يرونه بالعين المجردة ، و يُقدر البعد بالمقياس الفضائي بأكثر من أربع سنوات ضوئية .
و النجم قنطورس يماثل شمسنا إلى حد بعيد ، إذ يشبهها في اللون و درجة الحرارة ، و في كمية الضوء التي تشعها .
وقنطورس كان عند قدماء اليونانيين اسم لحيوان خرافي .
النجوم الأكثر و أقل حرارة
النجوم الأكثر حرارة هي نجوم السماء الزرقاء ، فتبلغ درجة حرارتها نحو ٥٣ ألف درجة مئوية ، أما النجوم الأقل حرارة فهي النجوم الحمراء حيث تبلغ درجة حرارة النجم نحو ألفي درجة مئوية .
و نعلم أن درجة حرارة الشمس في السطح تبلغ نحو ٦ آلاف درجة ، أما في الباطن فهي تصل نحو ٢٠ مليون درجة .
النجوم المزدوجة
يقرر علماء الفلك أن حوالي نصف جميع النجوم نجوم مزدوجة حيث يكون نجمان قريبان لبعضهما من بعض على الدوام ، فهما توءمان قد نموا معاً ، و كل منهما يدور حول الآخر و ينطلقان معاً في الفضاء . و قد يصدف أن نجد نجم له رفیقان بدلاً من رفيق واحد . و الشمس استثناء من بين النجوم إذ أنها تسير منفردة .
و لقد استفاد رجال الفلك من هذه الظاهرة فائدة كبرى إذ عن طريقها يستطيعون التعرف على أوزان النجوم ، و يُعتبر وزن النجم أهم خواصه : ذلك لأن لمعان النجم يتوقف على وزنه و النجوم المزدوجة هي النجوم الوحيدة التي يمكن التعرف علي أوزانها .
فالفلكي حين يراقب توءمي النجم المزدوج ، و كل منهما يدور حول الآخر فإنه يستطيع أن يحسب قوة الجذب بينهما و هي القوة التي تجعلهما يقتربان من بعضهما بهذا القدر , و من قوة الجذب يستطيع أن يحسب الوزن .
و في بعض الأحيان فإن بعض النجوم المزدوجة يبعد التوءمان بعضهما عن بعض بعداً كبيراً , و لذلك فإن دوران كل منهما حول الآخر يستغرق نحو مائة سنة , أي أن المسافة بينهما تقدر بآلاف الملايين من الأميال ، و لذلك يبدو التوءمين منفصلين .
و في بعض الأحيان فإن بعض النجوم المزدوجة يكون فيها التوءمين قريبين بعضهما من بعض قرباً كبيراً ، بحيث إنهما لا يستغرقان في الدوران أكثر من أيام معدودات ، بل أحيانا يستغرقان ساعات قليلة و لذلك يبدو الرفيقان كأنهما متلاحقان حتى إنهما بسبب بعدهما عنا مسافات هائلة لا يمكن أن ترى هذه النجوم إلا كنجم واحد , و الفلكيون وحدهم بوسائلهم هم القادرون على رؤية كلاً من التوءمين منفصلين .
و يوجد أيضا بجوار النجوم المزدوجة مجموعة صغيرة من النجوم تُعرف منذ القدم بجمالها و بهائها , سماها العرب ( الثريا ) و هي جزء من مجموعة النجوم التي تُسمى برج الثور ، و تتميز بستة نجوم هي الأكثر لمعاناً في هذه المجموعة .
و يوجد غير مجموعة الثريا مجموعات أخرى في جميع أجزاء المجرة ،و نجومها لا تتخذ توزيعاً خاصاً في المجرة ، و إنما هي مجرد نجوم مضمومة بعضها إلى بعض في شبه حزمة كأنها أسر تعيش طوال حياتها معاً ، و تسير في طرق مرور السماء كأنها جماعة واحدة .
النجوم النابضة
لاحظ العلماء أن هناك نجوماً تثور ثم تهدأ ، ثم تعود لتثور ثم تهدأ ، و إذا ثارت يكون لها لمعان يشتد و إذا هدأت خفت . و هي حين تلمع و حين تهدأ يكون لها مواعيد محددة ، و أوقات لا تخلفها هذه النجوم , و قد سُميت النجوم النابضة :
ذلك أن العلماء تخيلوا لمعانها و كأنه قلب ينبض ، و هذه النبضة قد تستغرق وقتاً قليلاً نحو ۹۰ دقيقة ، ثم تعود في موعدها لتنبض ، وقد تستغرق يوماً أو أياماً ، و منها نجوم تنبض يطول نبضها، إذ تتراوح هذه المدة بين شهور و أعوام ، و تعود و لا تخلف موعدها .
و قد قدم العلماء لنا تفسيراً لهذه الظاهرة يتلخص في أن مصادر الطاقة الموجودة في هذه النجوم ( المتغيرات ) تشتد فجأة ، فتزيد غازاته ا، و حرارتها ، و تظهر على السطح نوراً و ناراً ، و يؤدي ذلك إلى أن يتمدد حجم النجم و يتسع ، ثم تخور قواه ، فتعود الجاذبية داخل النجم و تشد ما ران على النجم من اتساع ،
ليعود إلى حجمه مرة أخرى .
النجوم والتنجيم
عند النظر إلى النجوم لأول وهلة يظن الناظر أنها نجوم منتثرة كي تزين السماء و تُشع نوراً يبدد حلكة الليل .
و لكن مع دوام ملاحظة النجوم أدرك رجال الفلك أن النجوم تتجمع في السماء في مجموعات تشبه المدن أو القرى : لذلك أطلقوا عليها المدن النجمية ، و أحياناً كانوا يطلقون عليها المجموعات النجمية أو الصور النجمية أو الشعوب النجمية .ثم اشتهر من هذه الأسماء تسمية ( الكوكبات ) .
و لقد تصور الناس منذ القدم أي منذ الحضارات القديمة مثل حضارة المصريين و الكلدانيين في العراق و الإغريق في بلاد اليونان وأيضاً خلال الحضارات في الهند و الرومان كما تصور العرب أيضاً تصور أولئك القدماء تجمعات النجوم على هيئة حيوانات و طيور تبدو معلقة في السماء ، تخيلوا بينهما صراعات و نسجوا الأساطير التي تحدد شكل العلاقات و الصراعات فيما بينهما .
و لم يكن عجيباً أن يختار القدماء لهذه الكوكبات تلك الأسماء فهي مأخوذة من واقع الحياة التي عاشوها اختاروا أسماء الحيوانات استأنسوها و أعانتهم في حياتهم مثل : الجدي و الحمل و الفرس و الثور و الكلب... و اختاروا أسماء الحيوانات مفترسة في الغابة هابوها مثل : الأسد و التنين و الورل و الذئب... كما اختاروا أسماء من عالم الطيور مثل : الغراب و العقاب و الدجاجة .
و اختاروا من عالم البحار : الحوت و السرطان و كلب البحر و ثعبان البحر . و أيضاً اختاروا : الحية و العقرب .
و راقب القدماء حركة دوران الأرض حول الشمس فكانت حركة هذا الدوران تبدو عكسية ، فكأنما تدور الشمس من حولنا دورة كاملة كل عام . و يتم هذا في مدار يعرف باسم ( مدار الشمس الظاهري ) . و خلال هذه الدورة يظهر خلف المدار مجموعات مختلفة من النجوم تعتبر شموساً و لكنها بعيدة عنا أهل الأرض .
و حين راقب الفلكيون مدار الشمس الظاهري و ما حوله من نجوم على شريط عرضه فوق المدار ۹ درجات و تحته ۹ درجات قسموا هذا الشريط إلى اثنتي عشرة قسماً ، و أطلقوا على كل قسم ( برجاً ) و سموا كل برج اسم مجموعة النجوم التي تظهر خلف الشمس في أثناء مرورها به ، و هي نفس أسماء الحيوانات التي أطلقوها من قبل على الكوكبات أو أسماء أشكال متميزة تصورها الأقربون تربط بين مواقع النجوم ( الأبراج الفلكية ) .
النجوم والأرقام
- تستغرق رحلة الضوء الذي يصلنا من أقرب نجم نحو 4 سنوات .
- أقصى النجوم المرئية يستغرق ضوؤها كي يصل إلينا نحو ١٤٠ مليون سنة ضوئية .
- النجم العادي متوسط حجمه نحو مليون مرة من حجم الأرض .
- جملة ما عرفه العلماء من نجوم تخضع لنظام مجرتنا يبلغ حتى الآن نحو 200000000000 نجم .
- يوجد في الكون نحو مليون مجرة مثل المجرة التي ننتمي إليها حجماً و ضخامة .
- أية رسالة لاسلكية مرسلة من مجرة إلى أخرى تحتاج إلى ستة ملايين من السنين كي تصل و يصل ردها .
- يمكننا رؤية 6 آلاف نجم بالعين المجردة من نجوم مجرتنا .
- أقرب نجم إلى الأرض هو الشمس حيث تقع الأرض على بعد منها يبلغ نحو ٩٣ مليون ميل ( ١٤٩,٥٠٤,٠٠٠ ) كيلو متر .
- أبعد نجم نستطيع أن نراه بالعين المجردة يقع على بعد بنحو ٤٧.٣٠٤.٠٠٠ مليار من الكيلومترات أي نحو ٥٠٠ سنة ضوئية .
- تتراوح سرعة النجوم بين ۱۰ آلاف و ٤٠ ألف ميل في الساعة .
- تبلغ سرعة دوران النجوم حداً رهيباً : فالنجوم الزرقاء تبلغ سرعة دورانها حول نفسها نحو مائة كيلومتر في الثانية .
المراجع
4 : من عجائب الخلق في الكون العظيم/محمد إسماعيل الجاويش