ربما كان حديث القرآن الكريم عن البصل في مصر الفرعونية أصدق دليل على مكانته عند أهلها في هذه الأزمان : لقد قدسوه ، و كانوا يحلفون به و وضعوه في المقابر لأنهم اعتقدوا أنه يساعد الميت على التنفس عندما تعود إليه الحياة . و أكثروا من تسجيله على أوراق البردي و كانوا يوزعونه على بناة الأهرام .
كما ذكر أطباؤهم كثيراً من الوصفات التي نصحوا فيها بالاعتماد عليه كمدر للبول و فاتح للشهية .
و من الطريف أنه كان يُؤكل في كل وقت إلا في الأعياد . لماذا؟
لأنه مسيل للدموع و هم ليسوا في حاجة إليها لأن الأعياد أوقات للفرح و السرور و ليست أوقات للدموع .
فوائد البصل الطبية
و قد أكد الطب الحديث الحقائق التالية عن إسهامات البصل في حماية الإنسان و وقايته :
- فائدة البصل تعادل فائدة الأنسولين إذ أن تناول بصلة واحدة يومياً يؤدي إلى خفض السكر في الدم بما لا يحوج المريض إلى علاج ، و إضافة إلى ذلك فإنه يساعد على تفتيت الحصى و إدرار البول .
- البصل المسلوق يُهدئ الأعصاب و يُفيد في علاج الاكتئاب .
- مُطهر للجراثيم ذلك لأن الأبخرة المتصاعدة منه قادرة على قتل البكتيريا الضارة و خاصة في الجروح الملوثة . و أثبتت الأبحاث العلمية أن مزارع الميكروبات العنقودية التي تُسبب تقيح الجروح و الدمامل و الخراريج و الميكروبات السبحية التي تسبب التهابات الحلق و اللوز و الأمراض التسمية تُصبح عقيمة و تموت بعد تعرضها لتأثير البصل .
- ثبت أن أبخرة البصل تقضي على ميكروبات الدوسنتاريا و الدفتريا .
- ثبت أن مضغ البصل في الفم لمدة خمس دقائق يقضي على جميع الميكروبات بداخله خاصة دفتريا اللوز .
- يخفض البصل نسبة الكولسترول في الدم و يُقلل الإصابة بتصلب الشرايين لاحتوائه على الزيت الطيار و خلاصة الإيثير البترولي و الخلاصة الأيثرية الغير قابلة للذوبان في الماء .
- يعالج البصل تورم الساقين و انتفاخ البطن .
- تحتوي الأجزاء اللحمية للبصل على مواد زيتية متطايرة و ۲۲ حمض أميني ذات تأثير مضاد للميكروبات بجانب المركبات الكبريتية و الزيوت الدهنية .
و قد استخدم البصل في الأغراض الطبية عند قدماء المصريين حيث استعانوا به في علاج بعض الأمراض الجلدية و الروماتيزمية و التهابات الأذن و بعض أمراض العين .
و يرى المؤرخ هيرودوت أن المصريين استخدموا البصل في الأكل منذ العصور الأولى و كانوا يكثرون من تناوله أثناء الأوبئة , و يُعتبر البصل و العدس هو الغذاء الرئيسي لبناة الأهرام .
و قد أقام المصريون القدماء للبصل عيداً حيث كانوا يطوفون بمدينة منف و يُقدمون الأبصال للموتى وهم يحملون أكاليل البصل و الزهور و يرددون الترانيم .
شعوب عرفت قيمة البصل
و ليس المصريون وحدهم هم الذين عرفوا البصل و أدركوا قيمته , بل إن الشعوب الأخرى قد توصلت إلى معرفة قيمته .
عرفه الرومان و توصلوا إلى التعرف على فوائده و لكنهم ظنوه فاكهة فكانوا يقدمونه للضيوف كمظهر للترحيب بهم .
و من الطريف أيضاً أن مدينة شيكاغو الأمريكية معناها البصل , سماها بذلك الهنود الحمر , لأن البصل كان يرمز إلى القوة و العظمة .
القيمة الغذائية للبصل
أما بالنسبة لقيمة البصل الغذائية فقد ثبت أنها تفوق قيمة التفاح لما تحتويه من الفيتامينات . إذ أن كيلو البصل به من الكالسيوم مقدار يزيد عشرين ضعفاً عما في كيلو التفاح . و به من الفوسفور ضعف ما فيه , و به من الحديد و من فيتامين ( أ ) ثلاثة أضعاف ما في التفاح .
و بالبصل أيضاً فيتامين ( ج ) و الكبريت و مادة الجلوكيونين التي تعادل الأنسولين في معالجة مرض السكر .
لماذا تدمع العين عند تقشير البصل ؟
بقي أن نشير إلى ذلك الاتهام الظالم الذي وجه إلى البصل طويلاً , و ثبُت ظلم هذا الاتهام !! و نعني به أن البصل يسبب للعين متاعب تتمثل في الدموع التي من العين حين يقترب منها البصل .
لقد ثبت أن هذا غير صحيح و أن الأمر يرتبط بالأنف و ليس بالعين . و ذلك أن الأنف به فرع من أعصاب الإحساس هو أحد فروع عصب الوجه المختص بالإحساس و اسمه العصب ذو الثلاث شعب ، و هو يرتبط بطريق غير مباشر بغدة الدمع في طرف العين العلوي مما يسبب ترشيح غدة الدمع .
و للتأكد من تلك الحقيقة يمكن سد الأنف أو التنفس من الفم عند تقطيع البصل , حينئذ لن تدمع العين .
و في الختام : قد اخترع الأطباء و العلماء أقراصاً تحتوي على خلاصة الكلوروفيل المركزة قادرة على امتصاص رائحة البصل كي يستفيد الناس من قيمته دون التضرر من رائحته .