تقف سميرة عزام في مقدمة كاتبات القصة القصيرة ، فعلى يديها تتلمذ جيل من الكتاب العرب من أمثال غسان كنفاني و غادة السمان .
و قد أجمع النقاد العرب على تفردها و على مكانتها الأدبية ، فقد أعطت القصة كل جهدها الفني ، و غدت واحدة من أساتذة هذا الفن .
من هي سميرة عزام؟
ولدت سميرة عزام عام 1927 في مدينة عكا المتربعة على الساحل الفلسطيني ، تلك المدينة العريقة التي اندحر نابليون و جيوشه على أبوابها .
وفي حيفا تلقت تعليمها الابتدائي ثم أكملت المرحلة الثانوية في مدرسة الراهبات و ما لبثت أن مارست التدريس و الإدارة في سن مبكرة ، بين عامي 1943 و 1945.
و نتيجة لنكبة 1948 التي حلت بفلسطين ، انتقلت إلى الشتات هي و عائلتها ، و أخذت تتنقل بين بيروت و الحلة و بغداد و قبرص و الكويت .
فعملت في مجال التدريس في مدرسة للإناث بمدينة الحلة العراقية لمدة عامين ، عادت بعدهما إلى قبرص حيث عملت مذيعة و مُعدة برامج في إذاعة الشرق الأدنى (1952) التي كانت تبث برامجها من قبل من حيفا بفلسطين . ثم اتخذت بيروت مقراً لها (1954) بعد حيفا حتى أُقفلت إثر حرب 1956 .
و من ثم سافرت سميرة إلى العراق لتعمل بإذاعة بغداد لفترة قصيرة من سنة 1957 ثم رجعت إلى بيروت فتزوجت أديب يوسف و هو شاب فلسطيني من الناصرة (1959) .
ثم عادت بصحبة زوجها لتعمل في إذاعة بغداد مراقبة للبرامج الأدبية ، فضلاً عن مشاركتها في تحرير صحيفة ( الشعب ) مع بدر شاكر السياب , و إثر الفوضى العارمة في عهد عبد الكريم قاسم (1958-1961) صدر قرار تعسفي بترحيلها خارج العراق .
استقرت سميرة في بيروت حيث تعاقدت مع مؤسسة فرنكلين للنشر ، فترجمت عدداً من الأعمال الأدبية و الفنية و العلمية ، و كتبت في عدد من المجلات الأدبية و الثقافية منها : ( الآداب ) ، و ( صوت المرأة ) و ( دنيا المرأة ) ..
وتواصلت سميرة عزام مع بعض الأدباء العرب من أمثال : نازك الملائكة ، و بدر شاكر السياب و جبرا إبراهيم جبرا ، و غسان كنفاني و ألفة إدلبي و رجاء النقاش و عبد الكريم الكرمي ( أبو سلمى ) و غيرهم .
آثار سميرة عزام الأدبية
تُعد سميرة عزام رائدة من رائدات القصة النسوية في الأدب العربي الحديث ، فقد تفرغت لهذا الفن ، و تميزت به و أصدرت خلال عمرها القصير المجموعات التالية :
مجموعة ( أشياء صغيرة )
و تضم بضع عشرة أقصوصة ، هي :
- عقب سيجارة
- على الدرب
- بائع الصحف
- نافخ الدواليب
- الشيخ مبروك
- في المفكرة
- ماما
- مات أبوه
- إلى حين
- زواج القمة
- حكايتها
- أشياء صغيرة .
ومن خلال هذه العناوين يتضح أن الكاتبة استمدت قصصها من واقع الحياة الشعبية بمختلف جوانبها و صورت ما يكابده أبطال هذه القصص من معاناة ، بحيث تلمس فيها أجواء من التشاؤم و السوداوية تشي بالرمزية و الغموض .
و لا شك في أن هذه المجموعة تمثل بدايات سميرة عزام و تُشير إلى موهبتها الأدبية ، كما لمثل بدايات القصة النسوية في فلسطين و الأردن .
مجموعة ( الظل الكبير )
وتضم اثنتي عشرة أقصوصة هي :
- الظل الكبير
- العزيمة
- سأتعشى هذه الليلة
- دموع للبيع
- زغاريد
- لا... ليس لشكور
- عام آخر
- نصيب
- المرة الثانية
- ستائر وردية
- القارة البكر
- حلم من حرير
و بمقارنة هذه المجموعة مع أشياء صغيرة تلاحظ فرقاً شاسعاً ، و فروقاً واضحة ، فهي أكثر نضجاً ، إذ نراها تحلل الحدث و تنقد الأوضاع بسخرية لاذعة بعيدة الآفاق ، في أجواء بعيدة عن التشاؤم و السوداوية .
مجموعة ( وقصص أخرى )
- هواجس
- ليلة الضياع
- في الطريق إلى برك سليمان
- الأعداء والفيضان
- بنك الدم
- خبز الفداء
- المسافر
- مؤهلات
- أطفال الآخرين
- أريد ماء
- من بعيد
- صبي الكواء
- الثمن
- عندما تمرض الزوجات
- طالعة نازلة .
و قد اشتملت مضامينها على جوانب مستوحاة من البيئات الشعبية ، سواء من هم فقراء أو من هم من الطبقة المتوسطة .
و قد نجحت في أن تجعل هؤلاء بذوراً صالحة لحياة فضلی ، ترسم من خلالهم حلم العودة إلى فلسطين ، ففي قصة خبز الفداء جسدت نموذج المرأة المناضلة في سبيل قضية الوطن .
مجموعة ( الساعة و الإنسان )
تُعد امتداداً لمجموعاتها السابقة ، و منها :
- لأنه يحبهم
- الساعة
- الإنسان
- أسباب جديدة
- طير الرخ في شهربان
- هل كان رمزي
- أما بعد
- فلسطين
- الحب
- المكان
- مجنون الجرس
- خرس كل شيء
- سجادتنا الصغيرة
- حبات المسبحة
- كوافير .
كتبت سميرة بعض هذه القصص من وحي النكبة ، إذ تناولت ما تعانيه المرأة الفلسطينية و هي تعبر الحواجز ( المحاسيم ) التي نصبها الصهاينة ، أو تلك الأم التي تَحول السلطات دون عبورها لتفرح بزواج ابنها . و قد نالت عنها جائزة أصدقاء الكتاب .
و لسميرة عزام مشروع رواية انجزته بعنوان ( سيناء بلا حدود ) ، قبل حرب حزيران 1967، لكنها مزقتها بعد النكسة ، و قد جمع مريدوها خواطر لها و قصصاً قصيرة في كتاب بعنوان ( من النافذة الغربية ) ، كما عُرفت بأحاديثها الإذاعية في محطات عدة ( بغداد، الشرق الأدنى ، لندن ) .
أسلوب سميرة عزام في كتابة القصة
أسلوب سميرة قائم على الجمل القصيرة .
و هي في الواقع لم تغفل الجانب الرمزي في قصصها ، فكثيراً ما تبصر في ثنايا قصصها ( ثورة الأجراس ) و ( مجنون الجرس ) إشارات تذكرنا بفلسطين , فالبطل في الأولى يحن إلى أرضه و ضيعته ، و الثاني يشعرنا أنه قادر على قرع الجرس ؛ جرس العودة.
لقد ظلت سميرة عزام على حد تعبير الناقد اللبناني عفيف فراج في كتابه ( الحرية في أدب المرأة ) تُطل بقامة الإنسان العملاق الذي يتغرس في الأرض و يمتص شجونها و عذاباتها ، ليطرحها فناً فيه رائحة الأيام المبللة بعرق الكدح ، و وساوس الليالي القلقة على الغد .
سميرة عزام المناضلة
و سميرة التي لها بصمات في العمل الإعلامي و التعليمي و في الترجمة لها جانب نضالي في فلسطين قبل النكبة و بعدها .
فمع وصول المؤامرة إلى حد النكبة سنة
1948 أخذت سميرة زمام المبادرة ، فأسهمت مع غيرها من أهل فلسطين في تقديم
ملابس للمتطوعين الذين هبوا لنجدة فلسطين ، و عاشت حياتها في الشتات و هي تحلم
بالعودة ، ثم جاءت نهايتها المأساوية وهي على مشارف عمان ، و كأنها قررت
الاكتفاء بما شهدته حتى ذلك الحين من تعذيب شعبها و تشريده .
نهاية الأديبة سميرة عزام
توقف نبض سميرة بسبب هزيمة حزيران 1967، ففي الثامن من شهر آب 1967 انفجر قلب الأديبة الفلسطينية الشابة سميرة عزام و كانت في الطريق من بيروت إلى عمان ، و دفنت في بيروت يوم 10 آب . لم يتمكن قلبها من التعايش مع الهزيمة أكثر من شهرين , انفجر بعدهما في لحظة رؤيا مروعة .
و هكذا حملت سميرة لواء القصة القصيرة في فلسطين و الأردن ، فكانت على حد تعبير الفة إدلبي رائدة من رائدات القصة في أدبنا النسوي .