إن الحواس التي أنعم الله بها على الأنسان هي أداته العظيمة للتعرف على الكون ، و للسيطرة على المخلوقات الأخرى و حسن استثمار نعم الله و التعرف على قدرة الله و على فضله على خلقه . و على اكتساب الخبرات و المعارف في الحياة التي تمكنه من المزيد من المعرفة و الفهم و التي تجعل العلم الانساني نامياً متجدداً , كل جيل يتعلم و يزيد في العلم الانساني ما يجعل الحياة سهلة يسيرة .
و الحواس التي نشير اليها هنا هي الحواس الخمسة :-
الحاسة التي لا تنام
إن السمع أول وظيفة تؤدي وظيفتها عند الانسان اذ ان هذه الحاسة تبدأ معه و هو مازال وليداً منذ اليوم الأول لوصوله إلى الدنيا ، في الوقت الذي تمارس فيه العين الرؤية بعد ولادته بعشرة أيام .
و الأذن وحدها تظل في بقظة طوال الوقت و طوال العمر , حيث أن الحواس الأخرى تستريح ما عدا الأذن فهى دائماً يقظة وتؤدي دورها في حالة اليقظة وفي حالة النوم ، تؤدي دورها بصفة مستمرة ، و تحذر الإنسان إذا ما اقترب من الخطر .
أهمية حاسة السمع
في ظلام الليل لا يستعين الإنسان بعينيه ، و انما يعتمد على أذنيه كي يسمع صوت القادم ليتعامل معه , و ربما يأتي الوليد إلى الدنيا محروماً من نعمة البصر و لكنه من خلال نعمة السمع يستطيع أن يتفاهم مع الأحياء و مع الأحداث , و يعيش متكيفاً مع غيره قادراً على الحياة في يسر .
لكن الوليد إذا حُرم نعمة السمع فإنه ينعزل عن العالم تماماً ، اذ يفقد وسيلة الاتصال و التفاهم مع الناس و التفاعل مع الحياة ، إذ لا يتمكن من سماع أسماء الأشياء من حوله , و بذلك تصبح الأشياء ليست ذات معنى و يفقد القدرة على الكلام ، و لذلك نجد أن الطفل الأصم دائماً أبكم ، و لا يستطيع أن يعيش حياة طبيعية ، بينما يستطيع الأعمى أن يتكيف مع الحياة من حوله .
هذه المنزلة الكبيرة للأذن فى الدنيا تستمر أيضاً في الآخرة ، إذ هي وسيلة الاستدعاء في الآخرة حيث يقوم الأموات من قبورهم يوم القيامة من خلال الصرخة التي تبعث من في القبور .
أجزاء الجهاز السمعي
ثلاثة أجزاء تكون الجهاز السمعي لدى الإنسان :
- الأذن الخارجية .
- الأذن الوسطى .
- الأذن الداخلية .
لماذا خلق الله أذنين ؟
يستطيع الإنسان أن يتعرف على الصوت و على درجة تردده كما يستطيع ان يستكشف مصدره ، و يقرر العلماء أن هذه القدرة لدى الإنسان مرجعها أن له أذنين ، و لو كان يملك أذناً واحدة لما استطاع ذلك .
فالأذن الواحدة تستطيع أن تؤدي وظيفة السمع ، و لكن يؤكد العلماء أن كل أذن تضيف ما تسمعه للأذن الأخرى فوراً ، فيبدو كأن الصوت المسموع وصل إلى اذن واحدة ، أو وصل إلى الأذنين مرة واحدة رغم أنه يصل إلى الأذن المقابلة أسرع من وصوله إلى الأذن الأخرى .
و إضافة الى ذلك فإن وجود أذنين يحقق التناسق الشكلي للإنسان مما يُضفي عليه جمالاً و بهاءً .
صوان الأذن بصمة
أكد العلماء و أطباء الأذن أن صوان الأذن بصمة إذ هو صفة مميزة له في الشكل . و بذلك أُضيف إلى عالم البصمات المميزة للإنسان إضافة جديدة إذ لم تعد اصابع اليدين أو القدمين أو الشعر أو حدقة العين أو نبرة الصوت هي العلامات المميزة للإنسان , و إنما صار صوان الأذن أيضاً من الخصائص الفريدة للإنسان التي لا يتشابه فيها فردان .
حماية الله للأذن
- أن دهليز الأذن يأخذ شكل الحرف (S) و ذلك حتى لا يسهل دخول الأجسام الصلبة فى يد من يعبثون بآذانهم لاسيما من الأطفال ، و مع ذلك فإن الدهليز ييسر دخول الهواء الذي يحمل الذبذبات الصوتية .
- و الأذن أيضاً تتصل بالبلعوم الأنفي كي يظل هواؤها متجدداً و نقياً ، و كي يتناسب الهواء داخلها مع الضغط الجوي .
- و فى الأذن الوسطى تعوم الطبلة بفصلها عن الأذن الخارجية حتى لا تصل الأتربة و المياه و الجراثيم إليها ، كما توجد النتوءات الحلمية و هي مخزن احتياطي تستعين به الأذن اذا انسدت قناة استاكيوس و يتحمل عنها ضغط الهواء إذا ارتفع بها .
- وقد صُممت عظمة الركاب بحيث يتوافر لها مرونة عظيمة ، إذ تخف من حركتها إذا كانت الأصوات عالية و ذلك لحماية الجهاز السمعي .
- و توجد الأذن الداخلية داخل أقوى عظام الجسم البشري ، إذ هي في قمة صلابتها منذ اليوم الأول للإنسان ، و لا يحدث لها تغيير في حجمها - لشدة صلابتها - بتغير المراحل السنية للإنسان .
- و يقوم السائل الموجود بالأذن الداخلية و الذي يوجد به العصب السمعي بعزل هذا العصب عن الأصوات التي تأتي من غير الطبلة ، فيمنع التشويش كما يمنع الأصوات المؤذية و المزعجة .
هذا جميعه و غيره كثير يظهر رحمة الله بعباده من خلال حمايته لجهاز الأذن . تلك الحاسة التى هي مظهر من مظاهر رحمة الله بعباده ، فكانت حمايتها رحمة أخرى من الخالق الرحيم .