إن القطن Cotton بلا منازع أكثر مواد النسيج استخداماً في العالم . وكلنا يعرف كيف تبدو شجيرة القطن وكيف تحصل على الخيوط من الشعر المحيط بالبذرة . والآن لنستعرض القطن من الناحية الإقتصادية ، أين وكيف يُزرع وأهميته في التجارة ؟؟
أماكن زراعة القطن
أطلق القدماء على شجيرة القطن إبنة الشمس ، و ذلك إلى أن هذه الشجيرة لم تكن لتنمو وتزدهر إلا تحت أشعة الشمس القوية . وكلما زادت حرارة الشمس ، كلما زادت الخيوط المُنتجَة بياضاً وقوة . لذلك تغلب زراعة القطن في المناطق الاستوائية والمناطق القريبة منها ، وهي أشد مناطق الأرض حرارة .
وفي الواقع، فإن الحزام الذي يُزرع القطن في نطاقه يقع بين خطي العرض 37° شمالاً و ۳۷° جنوباً . وفي نطاق هذا الحزام الذي يمتد حول العالم - بعرض يبلغ حوالي 7250 کیلو متراً - يجد القطن الظروف التي يحتاجها : وفرة في الضوء ، ووفرة في الحرارة، و أمطاراً كثيرة .
كذلك يُزرع القطن في مناطق قليلة ليست على هذه الدرجة من الحرارة، مثل تركيا ، والتركستان ومع ذلك ففي مثل هذه الأماكن يجب أن يًزرع القطن كل عام من جديد . حيث أن الشجيرات تموت في فصول الشتاء الباردة .
إنـتـاج القـطن
تُعتبر صناعة القطن أكبر صناعات النسيج ، وهي توفر العمل لملايين من الناس في كافة أرجاء العالم .
وكل منا لابد وأن يكون قد رأى صوراً للزنوج وهم يجمعون القطن في مزارع الجنوب بالولايات المتحدة . وقد كان من بين الأسباب الرئيسية لقيام الحرب الأهلية الأمريكية ( 1861 – 1865 ) إصرار الولايات الجنوبية على الاستمرار في استخدام العبيد السود في مزارع القطن ، لكونهم أرخص أنواع اليد العاملة ( إقرأ أبراهام لنكولن )
واليوم ما زالت الولايات المتحدة أكبر دولة تزرع القطن في العالم . ويُطلق على المنطقة التي يُزرع فيها القطن اسم ( حزام القطن ) ، وهو يمتد ليشمل الولايات الجنوبية الشرقية - من شمال و جنوب کارولینا , و چورجيا ، و ألاباما - إلى تكساس التي تُنتـج بمفردها في بعض السنوات حوالى ٣٠ ٪ من إجمالي محصول القطن الأمريكي . وماتنتجه الولايات المتحدة من قطن يبلغ من الضخامة بحيث أنه يحتاج إلى 300000 سيارة نقل و 5000 سفينة لنقله .
الولايات المتحدة و روسيا و الصين هم الثلاثة الكبار في إنتاج القطن . ومع ذلك فإن أجود قطن هو القطن ذو أطول و أمتن تيلة و يُزرع في مصر . بالرغم من أن هناك كميات كبيرة تُنتج في الهند ، و الصين ، و باكستان ، ولكن هذه تُعطي تيلة أقصر وغزلاً أقل جودة .
القطن المصري
يعتبر القطن في جمهورية مصر العربية المحصول الزراعي الرئيسي في البلاد . وتُعتبر جمهوية مصر العربية واحدة من أهم الدول المصدرة للقطن طويل التيلة وخيوط الغزل .
ونظراً لما يتمتع به القطن العربي طويل التيلة من سمعة طيبة في الأسواق العالمية , فإنه يدخل في صناعات كثيرة . ومن بينها الأقمشة القطنية الفاخرة .
الأقمشة القطنية
يُعتبر القطن من الوجهة الاقتصادية أهم ألياف النسيج و ذلك لعدة أسباب :-
- فالقطن هو النوع الوحيد من الألياف الذي لا يحتاج إلى التليين عن طريق النقع في الماء .
- ولا إلى أية عمليات أخرى ذات تكلفة عالية .
- وكل ما يحتاجه هو تحريره من البذور قبل إستخدامه .
ولذلك يمكن استخدام القطن على نطاق واسع حتى في البلاد الشديدة الفقر التي لم تتقدم فيها صناعة النسيج بالدرجة الكافية من الناحية الفنية . ولهذا نجد مئات الملايين من سكان العالم لا يلبسون أي شي سوى القطن .
تُعرض الأقشة القطنية في الأسواق تحت تسميات مختلفة :-
- فهناك القماش السميك المضلع الذي يطلق عليه ( فستیان ) والذي يشمل القماش المخملي .
- والدمور : وهو قماش غير مزخرف ومتين .
- والموسلين : وهو قماش رقيق وناعم .
- والكريتون : وهو نسيج مطبوع متين .
- والبيكة : وهو نسيج مضلع مشدود .
- و الأورجندي أو الموسلين الرقيق .
وإلى جانب ذلك توجد أنسجة قطنية تشبه الأنسجة المصنوعة من ألياف أخرى مثل :-
- المخملين وهو تقليد للحرير .
- والفلانليت وهو تقليد للصوف .
- وأقمشة أخرى تقليد للكامبريكي و الپرکال تقليداً للكتان .
موعد جني القطن
يجري جني القطن من أغسطس إلى ديسمبر في الولايات المتحدة ، ومن أكتوبر في مصر ، ومن مارس إلى مايو في البرازيل والأرجنتين ، ومن أكتوبر إلى مارس في الهند .
وبعد الجني يُكبس القطن ويحزم في بالات كبيروة تتفاوت أوزانها من بلد إلى آخر .
طرق زراعة القطن و إستهلاكه
إن كميات القطن الضخمة التي تُنتج في روسيا والصين، يجرى استهلاك أغلبها محلياً .
ويتم تصدير حوالي 30%_40% من إنتاج العالم من القطن ، وتبلغ حصة الولايات المتحدة الأمريكية منها ما يزيد على الثلث ، وتقدم الهند والپاكستان ومصر مجتمعة حوالي الربع .
وهناك تباين واسع في طرق زراعة القطن ، وهو ما يتضح من كون البذور تُنثر في الأدغال الأفريقية ثم تترك لتنمو ، بينما تتبع المزارع الكبيرة في الولايات المتحدة أحدث الوسائل .
وأكبر محصول يحققه الفدان نجده مع ذلك في مصر و بيرو ، حيث يبلغ محصول الأراضي الخصبة والتي تُروى جيداً حوالي خمسة أو ستة أمثال ما تحققه الأراضي في الهند و أوغندة .
ويتفاوت المحصول السنوي في كافة البلاد بدرجة واسعة وفقاً لحالة الجو ومدى النجاح في السيطرة على آفات القطن وأمراضه .
خلال مرحلة النمو والجمع المبكر ، تحتاج الشجيرة إلى مياه وفيرة ، ولكن عندما تتفتح الثمرة التي هي عبارة عن كبسولة وتظهر الألياف البيضاء للقطن ، قد يكون حتى أي بلل بسيط كافياً لإفساد الألياف , ولهذا السبب فإن الظروف المثالية قد تكون : أمطاراً حتى تتفتح الكبسولة ( اللوزة ) ، وجفافاً من ذلك الوقت فصاعداً . ولكن قد يكون من المبالغة أن نطالب بمثل هذا المناخ المثالي .
وتُعتبر البلاد ذات الأمطار الاستوائية والواقعة في المناطق الاستوائية مناسبة تماماً لمرحلة النمو الأولى ، ولكن الخطر قد يكمن دائماً في أن تهطل الأمطار بعد ذلك ، مما قد يؤدي إلى إتلاف المحصول .
وإذ لم يكن في استطاعتنا التحكم في الجو ، لذلك لا بد من اللجوء إلى حل واحد يجري استخدامه منذ أقدم العصور : يجب أن يُزرع القطن في مناطق ليست غزيرة المطر ، على أن يُعوض النقص في المياه في المراحل المبكرة عن طريق الري . وهذا السبب في أننا نجد زراعة واسعة للقطن في منطقة البحر المتوسط والقوقاز و الأرجنتين وشيلي .