قد أشار القرآن الكريم إلى الألاء ( اللؤلؤ و المرجان ) في سورة الرحمن فأضفى عليهما شرفاً كبيراً , حيث يخرج لنا من الماء اللؤلؤ والمرجان كما يخرج من التراب الحب والعصف
والريحان , والآية بيان لعجائب صنع الله حيث يخرج للناس من الماء المالح
أنواع الحلي.
اللؤلؤ
عرف الإنسان اللؤلؤ كوسيلة من وسائل الزينة والتجمل منذ بواكير التاريخ ، والمصريون القدماء من أوائل الشعوب التي استعملته في هذا الغرض حيث تظهر نساؤهم في رسوم حوائط المعابد وقد لبسن أقراطاً ذهبية تتدلى فيها قلادات من اللؤلؤ.
أما في الهند فتذكر أساطيرهم القديمة أن الإله فيشنو يقوم بمسح البحار والمحيطات للبحث عن اللؤلؤ من أجل أن يقدمه هدية إلى ابنته (بانداجا) في يوم زفافها.
وأشهر اللآلئ في التاريخ تلك التي تزينت بها كليوباترا ملكة مصر , واللآلىء التي كان يمتلكها الإمبراطور الروماني كاليجولا.
أما أشهر اللآلئ في العصر الحديث فهي تلك التي زينت عرش ملكة إنجلترا فيكتوريا والذي صُنع خصيصاً لها في عام ١٨٢٨ م وقد تم تجميله بمئات اللآلئ الطبيعية , وأيضاً تلك اللؤلؤة الثمينة التي استخرجها صياد قرب شواطئ أستراليا عام ١٩١٧م حيث وجدها في إحدى المحارات العملاقة .
واللؤلؤ أحد حيوانات البحار، يعيش داخل صدفة أو محارة تعيش قابعة في قاع البحر، وهي بطيئة الحركة في معظم فترات عمرها، وتكون مائلة عن مستوى القاع بزاوية مقدارها ٢٠ إلى 30 درجة .
والصدفتان تكونان مفتوحتين بمقدار بوصة ونصف تقريباً ، فيدخل تيار الماء من فتحة تُسمى فتحة (الشهيق) ، ويخرج من فتحة تُسمى فتحة (الزفير)، والأولى من مقدمة المحارة والثانية في مؤخرتها .
هذا التيار المائي يمثل الحياة بالنسبة للمحارة لأنه يحمل إليها الغذاء الذي تقوم المحارة بالاحتفاظ به وبلعه، ويحمل أيضا الأكسجين اللازم للحياة.
وإذا دخلت حصاة أو حبة رمل أو أية جزئيات لمواد تكون عالقة بالماء، أو أي جزء من خلية من العائمات النباتية، أو خلية كاملة من النباتات المائية المجهرية (الدياتومات) , إذا دخل شيء من ذلك إلى داخل المحارة أو الصدفة فإنه يسبب أذى للحيوان داخلها ، فيبادر بالدفاع عن نفسه بإفراز سائل، هذا السائل يحاصر الجسم الغريب ويوقف تأثيره الضار المؤلم. ويحدث هذا في مدة طويلة ، إذ قد يتطلب حدوث ذلك مدة تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات.
هذا السائل هو اللؤلؤ بعد أن يتجمد وإذا استمر إفرازه تتكون طبقة جديدة فوق اللؤلؤة الصغيرة، لتصبح لؤلؤة كبيرة لذلك يتمنى الصيادون أن يلحقه مزيد من الأذى ليقدموا المزيد من الجواهر.
وتبدو اللؤلؤة العادية للعين في شكل كرة ملساء صافية ، وفي الحقيقة يكون عليها خطوط وتعاريج هي التي تعطيها التألق والجمال عندما ينكسر عليها الضوء.
واللؤلؤ منه الأبيض الفضي والأبيض المائل للإصفرار، ومنه أيضاً اللؤلؤ القرمزي، ومنه أيضاً اللون الأسود أو الداكن اللون ( بسبب وجود أملاح صابغة تكون ذائبة في المياه التي كانت تعيش فيها المحارات التي أنتجت هذا النوع من اللؤلؤ ) .
ويكثر وجود اللؤلؤ الأسود قرب المكسيك وجزر فيجي، وبالنسبة للون القرمزي للؤلؤ فيرجع إلى اختلاط عنصر المنجنيز أو عنصر أكسيد الحديد يكربونات الكالسيوم.
وبالنسبة لشكل اللؤلؤ يكون على ثلاثة أنواع :
- إذا كانت اللؤلؤة تامة الاستدارة وهذا أغلى أنواعه قيمة ويطلق على هذا النوع (الدانة).
- إذا كانت اللؤلؤة غير تامة الاستدارة أي نصف دائرية ويطلق على هذا النوع أبطن ، وهو أقل قيمة من النوع التام الاستدارة.
- اللؤلؤة المستطيلة ، أي ليست تامة الاستدارة أو ناقصة الاستدراة وتكون اللؤلؤة من هذا النوع معيبة إلى حد ما، إذا قورنت بالنوع الأول أو النوع الثاني، وسبب ذلك تداخل مواد غريبة في جسم اللؤلؤة أثناء تكوينها.
ولكون جمال اللؤلؤة وارتفاع قيمتها نابعاً من نقاء اللون والخلو من البقع اللونية والحفر والتميز بالبريق الذي ارتبط باللؤلؤ فجعلته من أنفس الجواهر.
وأيضاً استدراة اللؤلؤة استدارة كاملة يُضفي عليها القيمة والجمال. ولقد أُطلق على اللآلئ ( قصر الندى لأن ) منها تنعكس كل ألوان قوس قزح .
ولم يكتفِ الإنسان باللؤلؤ الذي يحصل عليه من محار البحار بطريقة تلقائية إذ أنهم في اليابان يدفعون قطعاً صغيرة مختلفة الأشكال بين صدفتي المحار والكائن الحي فتتكون اللآلئ .
كما فكر الإنسان حديثاً في زراعته عن طريق التلقيح الصناعي، والحصول على مركب من كربونات الكالسيوم متماسكة مع بعضها بمادة عضوية لزجة تسمى (كونشيوان) , وصارت هذه الصناعة زاهرة في اليابان والمكسيك وفنزويلا وأستراليا والنمسا وبعض دول الخليج العربي.
واللؤلؤ الطبيعي جواهر لا تدخلها الصنعة فهي تُستخرج من البحار لتكون زينة للنساء مباشرة دون صقل ولذلك فهي رقيقة ليس بها صلابة غيرها من الجواهر . لذلك ينصح خبراء المجوهرات أن تُعامل معاملة فيها لين ورفق وحساسية.
المرجان
المرجان حيوان بحري هلامي صغير جداً ، يعيش داخل منزل صلب غاية في الصلابة، يُفرز مادته من داخله ( ويُسمى هذا المنزل بالمرجان أيضاً ) ويستعين في ذلك بالجير الموجود في البحار , ويعيش المرجان في البحار في مجموعات كبيرة.
يقوم الحيوان بتثبيت نفسه بإفراز مادة لاصقة من داخل جسمه ، ويبدأ ببناء بيته وحينئذ يكون قد حبس نفسه داخل هذا البيت فلا يستطيع أن يسبح ، ولذلك فهو يُعد العدة كي يواصل رحلة الحياة ليتناول حاجته من الغذاء , فيقوم بترك فتحة صغيرة تخرج منها زوائده التي تلتصق بأي نبات أو حيوان صغير يكون عائماً في الماء، وتسحبه من الفتحة التي داخل المنزل ليكون غذاء له.
والمجموعات الكثيرة التي يكونها المرجان تضم الملايين من هذا الحيوان لذلك فهي قادرة على أن تبني الشعب المرجانية ، وهي حوائط صخرية صلبة تحطم السفن عند اصطدامها بها.
ويوجد في مياه المحيطات الدافئة العديد من أنواع المرجان المختلفة في أشكالها وألوانها ، فتكون حدائق المحيطات المرجانية.
وهناك أنواع من المرجان تعيش بعضها بكميات كبيرة جداً تمتد لمئات الأميال , وتكون الحواجز المرجانية الهائلة إذ أنها حين تموت تترك هياكل جيرية ، وأشهر المرجانات ذلك الحائط المرجاني الأعظم الذي يمتد لمسافة أكثر من ۱۳۰۰ کیلو متر بمحاذاة سواحل أستراليا ، كما ترتكز ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية على صخر مرجاني ورمال. وتنتشر أيضاً الشعب والحواجز المرجانية في البحر الأحمر.
والمعروف أن هذا الحيوان هو صاحب الفضل في إنتاج المجوهرات النفيسة التي تأخذ اسمها من اسمه (المرجان) وهي بعض الهياكل التي تنتج عنه بعد موته.
والشعب المرجانية ذات أشكال هندسية متعددة ومتنوعة ، منها ما يشبه مخ الإنسان ومنها ما يأخذ أشكالاً نجمية تمتد في الأعماق ومنها ما يأخذ أشكالاً هندسية وهذه تمتد في الأعماق، ومنها المستعمرات الشجرية وتكون قرب سطح الماء، ومنها المرجانات الفطرية وهذه توجد في مكان بالماء وتأخذ أشكال الأكواب أو عش الغراب.
وبالنسبة لهيكلها فقد تصل أحجاماً هائلة بارتفاع يتراوح بين 5 و 10 أمتار، ويصل وزنها إلى عدة أطنان .
ويتعدد لون المرجان فمنه الأصفر ومنه الأخضر, ويكثر منه الأحمر لا سيما في البحر الأحمر الذي اكتسب لونه من لون الشعب المرجانية التي تكثر به. أما لون المرجان الميت فيكون لونه قاتماً أو رمادياً .
وتنمو المرجانيات على عمق 40 متراً من المياه الدافئة بالمحيط الهندي و البحر الأحمر و البحر الكاريبي.
و يتكاثر المرجان بالتبرعم, و يكون المرجان الجديد مستعمرات تضم الآلاف, تشكل شجرة مرجانية في المياه يُطلق عليها ( الشعبة ) ذات أشكال هندسية جميلة, و هي تنمو في أزمان طويلة إذ قد يستمر نموها نحو ستة آلاف عام ثم تواجهها أمواج عاتية فتكسرها, أو قد تندفع إليها مياه حارة فتقتلها.
تُعتبر الشعب المرجانية محميات طبيعية يقوم العلماء بصيانتها و إعادة الحياة إليها إذا تعرضت للتدمير.