تحدثنا في مقال سابق عن ظواهر في عالم الحيوان حيرت العلماء, و سوف نتحدث في مقالنا هذا عن نوعين من الأسماك النادرة بأفعالها دار حولهما كثير من علامات الإستفهام, و الإجابة ما زالت مبهمة.
أبو الشعى العاشق الولهان حتى الموت
لقد كان العلماء في غضون فترة طويلة من الزمن ينسبون ذكور أبو الشعى وإناثها إلى نوعين متباينين تماماً، وذلك من حيث اختلافها عن بعض، فالذكور أصغر حجماً بكثير من الإناث، كما أن الذكور لا تملك ذلك الطُعم الشهير الذي يغري كما هي الحال عند الإناث.
والمهم هنا أن ذكر أبو الشعى بمجرد بلوغه -سن الرشد- يبدأ يفكر بالحب والغرام، وبالتفتيش عن رفيقة عمر حسناء لطيفة تشاركه حياته.
فيذهب باحثاً عنها، وقد يصل شعور الحب بهذا العاشق المسكين إلى فقدانه للشهية تماماً، ويمتنع عن تناول أي شيء، وإذا ما تعذر عليه إيجاد حبيبته واستهلك كل ما كان لديه من احتياطي الشحم الموجود تحت جلده، فإنه يهلك ويموت، وبذلك يضرب أروع مثال في الحب والوفاء بكل صدق وإخلاص...
وبالطبع ليس من اليسير أبداً إيجاد رفيقة العمر في البحر الذي لا حدود لمخائبه، وهذا النوع من السمك يعتبر نادراً، إذ كل فرد منه يعيش منفرداً، فمن بين الإناث التي اصطيدت تم العثور على عدد قليل جداً منها برفقة الذكور، وذلك لا غرابة فيه إطلاقاً، إلا أن الغرابة التي جعلت العلماء في حيرة من أمرهم إزاء ما شاهدوه من أوضاع غريبة مثيرة بمثابة ظاهرة فريدة ...
وذلك عندما يجد ذكر أبو الشعى حبيبته بعد كل ما شهده من مصاعب ومشاق، تراه لا يرغب قط في فقدانها، لذلك فإنه لا يتركها تبتعد عنه إطلاقاً، ولهذا فإنه يتثبت بها بأسنانه في مكان ما يكون لدناً من جسمها، ويبقى متعلقاً بها طيلة حياته...
والغريب في هذا الأمر أن ذكر أبو الشعى بعد أن يتثبت بالأنثى بواسطة أسنانه يبدأ عملية الالتحام بها شيئاً فشيئاً دون أن يكون لتباين الجنس ما يمنع هذا الالتحام.
وفي نفس الوقت تبدأ عنده ضمور أجهزة الحس، وكافة الأجهزة الهلامية الداخلية وبشكل تقريبي، بما في ذلك الجهاز الهضمي، في حين يواصل الجهاز التناسلي عمله بشكل طبيعي بحيث لا يتأثر مطلقاً بأسباب الالتحام.
ومن ثم يحصل ذكر أبو الشعى من دم الأنثى على كل ما هو ضروري لحياته، وخاصة الأكسجين، ولذلك نجد ذكر أبو الشعى بمثابة العاشق الكسول جداً، أي لقد أعفى نفسه تماماً من عمليات التفتيش عن الطعام فما عليه إلا توزيع ما حصل عليه من دم رفيقة عمره على سائر أقسام جسمه بشكل منتظم.
وما زال العلماء يتساءلون و يضعون علامات إستفهام..
- كيف يتم الالتحام بين الذكر والأنثى وما هي آليته في ذلك؟؟
- ما معنى هذا الحب القوي الذي يبثه ذكر أبو الشعى؟؟
- ما معنى الكسل الذي يواكب حياته بعد عملية الالتحام؟؟
- كيف يتم ضمور الأجهزة الحسية لدى ذكر أبو الشعى؟؟
ما زال العلماء ينقبون عن أسرار ذكر أسماك أبو الشعى النادرة بتصرفاتها، وما زالت الحيرة بادية على الوجوه...
سنيوريتا وحكمة شرف
سنيوريتا نوع من الأسماك ... إنه اسم على مسمى، اسم لأجمل أنواع السمك، رقيقة المشاعر، رائعة الجمال، وزيادة على ذلك فهي ملاك رحمة بالدرجة الأولى حيث تملك أروع مشفى للخدمات الطبية، ولها من الفضل لا يمكن أن تنكره أي سمكة دخلت تلك المشفى إلا إذا كانت جاحدة ناكرة للجميل.
وسنيوريتا هذه لا تمتلك شهادات دراسية بل كل ما تملكه مشاعر رقيقة نبيلة، لها فم مدبب رقيق يساعدها على أداء وظيفتها النبيلة بشكل رائع.
ولكن ما هي تلك الخدمات التي تقدمها ؟؟؟ ..
نقول أن الأسماك بطبيعة الحال معرضة لقائمة طويلة في الإصابة بأمراض فطرية وبكتيرية وطفيلية نجدها على جلودها وزعانفها وخياشيمها بشكل لا يدع للشك مجالاً، كما أنها قد تصاب بعضات وخدشات أثناء صراعها مع أعدائها.
وهذا المكان المصاب قد يمتلئ بميكروب ما يسبب لها إزعاجاً شديداً، لذلك فإنها تلجأ على الفور إلى المشفى الطبي عند الآنسة سنيوريتا، لتقوم هذه الأخيرة في معاينتها ومعالجتها كي تتماثل للشفاء بعد أن تتخلص مما كانت مصابة به...
والغريب في ذلك أن هناك إجراءات خاصة تتقيد بها الأسماك المصابة دون أن تتذمر أو تنزعج، حيث تقف السمكة المصابة أمام سنيوريتا، ورأسها إلى الأسفل وذيلها إلى الأعلى بشكل عامودي، ولا تتحرك من مكانها إطلاقاً حتى تأخذ أمراً بالانصراف.
وإذا كان عدد الأسماك المصابة كثيراً فيتوجب عليهم أن يقفوا ضمن مجموعات صغيرة بهدوء وسكينة حتى يحين دورهم بنظام، إذ أن الآنسة سنيوريتا لا تحب الفوضى إطلاقاً وإلا توقفت عن العمل.
ويجدر الإشارة إلى أن سنيوريتا صغيرة جداً نسبة لحجم الزوار المصابين، ومع ذلك فإنهم يقدمون لها الشكر والاحترام وتأمين السلامة لها في كافة الظروف...
وما زال العلماء حتى الآن في حيرة ودهشة أمام هذه الظاهرة الغريبة النادرة، ولا يزال السر مطوياً، وما أكثر علامات الإستفهام بدون أجوبة...