المركز العصبي المسؤول عن التنظيم الغذائي
يعتقد العلماء أن هناك مركزاً عصبياً في الدماغ يتولى عملية تنظيم تناول الطعام ، يطلق عليه مركز " الشهية " أو " الجوع " الذي يصدر إشارات للجسم ليقوم بعملية الأكل وتناول الغذاء .
وهناك مركز عصبي آخر في الدماغ يطلق عليه اسم " الشبع " يصدر إشاراته وتعليماته ليكف الكائن الحي عن الطعام .
ويقول عالم الفسيولوجيا الروسي إيفان بتروفيتش :
يمثل مركز الطعام اتحاد وظيفي لخلايا عصبية موزعة في إنحاء مختلفة من الدماغ (قشرة الدماغ) والمراكز العصبية ما تحت قشرة الدماغ , وفي النخاع المستطيل (brain stem) .
وقد توصلت الأبحاث العلمية إلى وجود مراكز عصبية متمركزة في ما يسمى (Hypothalamus) لها دور رئيسي في تنظيم عمليات الإحساس بالجوع و الشبع ، وأن خلل هذه المراكز قد يؤدي إلى حالة الجوع المستمر أو الامتناع عن تناول الطعام حتى الموت .
كما أثبتت الأبحاث دور المجموعة الودية (sympathetic nervous system) والمجموعة شبه الودية (parasympathetic nervous system) للجهاز العصبي في عمليات التبادل الغذائي .
حيث ثبت أن إثارة المجموعة الودية (الآلام ، التعب ، الإرهاق ، القلق، الأزمات العصبية ، والمرض ) يؤدي إلى تحفيز عمليات الهدم أي احتراق الدهون .
أما إثارة المجموعة شبه الودية (النوم ، الاسترخاء) يؤدي إلى تقليل عمليات الاحتراق وبالتالي تراكم الدهون .
ومن الواضح فإن وزن الجسم ومخزونه الدهني يعتمد بشكل رئيسي على حالة التوازن العصبي ما بين جزئي الجهاز العصبي الودي وشبه الودي ، وهذه النقطة مهمة جداً في فهم وإدراك موضوع السمنة وأهمية عدم نسيان دور الجهاز العصبي واضطراباته في التسبب في السمنة .
أو ضرورة إحداث التوازن العصبي للشخص المعني حتى يمكن إحداث التوازن الغذائي.
وبالتالي التوصل إلى الوزن المرغوب أو المثالي وأن إهمال هذا الجانب يعتبر مأخذاً قوياً على أي برنامج أو طريقة تستخدم لعلاج السمنة أو اضطرابات التبادل الغذائي الأخرى (السكري ، ارتفاع دهنيات الدم ، تصلب الشرايين وغيرها) .
ومن المعروف أيضاً أن الجهاز العصبي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بجهاز الغدد الصماء في الجسم ، حتى أنه يطلق أحياناً اصطلاح الجهاز العصبي الهرموني أي للتعبير عن الوحدة الوظيفية بين الجهازين كون عمل كل منهما لا ينفصل عن عمل الآخر.
وأن الجسم الحي يكون صحيحاً وسليماً فقط عندما يكون الجهاز العصبي الهرموني في وضعية الاتزان مع الظروف التي يعيش فيها الكائن الحي .
فتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم لها ارتباط وثيق بعملية تبادل الكوليسترول ونسبة تركيزه في الدم , ومن المعروف أن هذه العملية تتأثر بعدة عوامل ومتغيرات .
فمثلاً يتأثر تركيز الكوليسترول في الدم بهرمونات الغدة الدرقية ، حيث يؤدي اضطراب عمل هذه الغدة وخاصة نقص هرمون الثايروكسين إلى ارتفاع نسبة الكوليسترول وترسبه في جدران الأوعية الدموية وتصلبها وما ينتج عنه من أمراض معروفة .
وكذلك يتأثر الكوليسترول بهرمونات الغدة الكظرية (الفوق كلوية) وبالهرمونات الجنسية ، بحيث أن الزيادة أو النقصان في نسبة الكوليسترول تؤدي إلى تأثير سلبي على الصحة .
فالزيادة تعني تصلب الشرايين وارتفاع الضغط الشرياني والجلطات وحصى المرارة وأما النقصان فيؤدي إلى اختلال تولد جدران الخلايا الحية واضطراب الأعصاب ونقص المقدرة على صناعة فيتامين "د" في الجسم وتبادل الكالسيوم وهشاشة العظام وهكذا .
إذاً فالوضع الصحي الطبيعي يتطلب وجود اتزان لا نقص ولا زيادة .
كما أن هرمونات الغدة النخامية تؤثر بشكل غير مباشر على التبادل الغذائي والدهني في الجسم عن طريق التحكم بعمل الغدد الصماء الأخرى مثل الدرقية والكظرية والغدد الجنسية.
إما مباشرة وذلك بواسطة هرمون الحليب (البرولاكتين) الذي تزداد نسبته في الدم أثناء الرضاعة مما يؤدي إلى تراكم الدهون عند الأم المرضع أثناء الإرضاع بنسبة أكبر .
وهناك حالات مرضية تكون مصحوبة بارتفاع نسبة هذا الهرمون (البرولاكتين) هرمون الحليب بشكل يؤدي إلى السمنة نتيجة خلل أو ورم الغدة النخامية .
وهذا أمر يجب أخذه بعين الاعتبار حين التعامل مع الأشخاص الذين يعانون من السمنة ، مع أن نسبة هذه الحالات نادرة حيث أن إعطاء البرامج الغذائية أو الرياضية أو الدوائية ليس فقط لا يجدي في هذه الحالات النادرة ولكن قد يسبب الأذى لهؤلاء الأشخاص .
وغالباً ما يكفي لعلاج سمنة هؤلاء المرضى علاج السبب الرئيسي وهو الاضطراب الهرموني وهو من اختصاص أطباء الغدد الصماء وليس من اختصاص اختصاصي التغذية أوالأعشاب أو مراكز اللياقة البدنية أو غيرها .
ونحن هنا لا ننكر دور هؤلاء الأشخاص بل يجب أن يكون دورهم مساعداً لا أساسياً وبالتعاون مع الأطباء إن أمكن لا بشكل مستقل عنهم .